بين ماضي وحاضر

عندما حدث تغير غير متوقع ف الاسعار وارتفاعها الجنونى ف جميع السلع، بل فى جميع الاحتياجات اليوميه، تذكرت حوار دار بينى وبين جدتى منذ خمسه عشر عاما، عندما كنا نتجمع لتناول فطورنا كالعاده واذ قالت جدتى: «اليوم ارتفعت الاسعار بجنون، وأصبح حجم رغيف الخبز أصغر مما سبق، ومقدار حجم قرص الطعميه أصبح أصغر من ذى قبل وكل شىء يقل عن السابق».

وتذكرت أن في عصرها كانت الأسعار لا تقارن، وأن البركه فى السلع كانت تشعرها بكثرتها رغم انها نفس الوزن. وتذكرت أن قله المال لا تعد سببا ف الفقر، ولكن الفقر هو عدم وجود ضمير، والسرقه من قوت الغلابة، واستحلال الحرام بدافع العيش فى زمن تغير للاسوء. والظروف تغيرت والنفوس تغيرت.

عند انتهاء حديثها لم ادرك أبداً انه سيأتى هذا اليوم ويتكرر وانا رب اسرة ومع مرور الزمن وجاءت اللحظه التى أشعر بها فى مكان جدتى وأتذكر هذا الماضى وانوى ان احكيه لولدى وليس حفيدى. وجدت ان ابنى ما زال صغيرا ليستوعب هذا الكلام، وجدت انى اكتم كلماتى بين ضلوعى واسكت شاردا فى ما يحدث وما سيحدث مستقبلا واتسأل هل سأجد كلام اقوله له عندما يكبر ويستوعب كلامى ؟ ام سأظل صامتا ويتلقى الصدمه وحده بعيدا عنى.

تلك اراده الله ان نصبر لعلى الله يحدث فى ذلك امرا.
اقول لجدتى رحمها الله اننا نعيش زمن اقسى من زمن عيشتيه كان جميل. نعيش زمن ليس له اى ملامح، زمن قاس جدا. من يملك قوت يومه فانه فى عيشه راضيه ومن لا يملك فانه يعيش على امل ضعيف جدا ان يحصل على وجبته فقط.
رحم الله امواتنا الذين حاولوا ان يوصلون لنا الحياه مستقبلا ليست ورديه ولكنها قاسيه.