بعد مضي 6 سنوات على عملية غزو منشوريا التي أفضت لإنشاء دولة مانشوكو (Manchukuo)، اتجهت إمبراطورية اليابان عام 1937 للتوسع أكثر على حساب الصينيين. ومع بداية الحرب الصينية اليابانية الثانية، آمن اليابانيون بإمكانية حسم النزاع لحسابهم خلال فترة لا تتجاوز 3 أشهر بسبب حالة الانقسام والحرب الأهلية المستعرة بالصين منذ سنوات. وأمام هذا الوضع، أبرم الشيوعيون والقوميون الصينيون اتفاقية هدنة واتجها لتوحيد جهودهما لدحر الغزو الياباني.
في الأثناء، خاب ظنّ اليابانيين حول غزو الصين حيث استمرت هذه الحرب لحين نهاية الحرب العالمية الثانية وتسببت في سقوط أكثر من 20 مليون قتيل. ويعود السبب الرئيسي لاندلاع هذا النزاع الدامي لحادثة غريبة جرت أطوارها عند منطقة حدودية خلال شهر يوليو 1937. فعقب اختفاء أحد جنودها بالمنطقة، حشدت اليابان جيوشها واتخذت من الأمر ذريعة للتدخل ضد الصين.
حسب اتفاقية الملاكمين (Boxer Protocol) المبرمة مع السلطات الصينية خلال شهر سبتمبر 1901، سمحت الصين لعدد من القوى العالمية بوضع بعض من قواتها عند 12 نقطة بخط السكك الحديدية الذي ربط بين بكين وتيانجين (Tianjin) بالشمال الشرقي للبلاد، أملاً في تسهيل المواصلات بين العاصمة وهذه المنطقة التي احتوت على أحد أهم الموانئ بالمنطقة. وباتفاقية ثانية أبرمت خلال العام التالي، سمحت الصين لهذه القوات الأجنبية بالقيام بجولات وعمليات أمنية عند خط السكك الحديدية دون الحاجة لترخيص أو إذن من السلطات المحلية.
خلال العام 1937، زاد اليابانيون من تواجدهم العسكري عند خط السكك الحديدية حيث قدّر عدد قواتهم بالمنطقة بنحو 15 ألف عسكري بحلول شهر يوليو. ومثّل تزايد عدد الجنود اليابانيين بالمنطقة تهديداً حقيقياً للقوميين الصينيين الذين أكدوا على تجاوز عدد القوات اليابانية تعداد جنود القوى الأوروبية مجتمعة بالمنطقة.
ليلة 7 من شهر يوليو 1937، عبرت فرقة عسكرية يابانية متمركزة عند منطقة فنغتاي (Fengtai) الحدود للقيام بتمرين عسكري. واستُهدفت هذه الفرقة بطلقات نارية أسفرت عن اندلاع مناوشات قرب وانبنغ (Wanping) على بعد 16 كلم جنوب غرب بكين.
مع عودتهم لمناطقهم، انتبه اليابانيون لغياب الجندي شيمورا كيكوجيرو (Shimura Kikujiro) فراسلوا المسؤول العسكري الصيني بالمنطقة وطالبوه بالسماح لهم بدخول وانبنغ للبحث عن زميلهم المفقود. وأمام رفض الصينيين لذلك، باشر اليابانيون بحشد مزيد من القوات قرب وانبنغ وراسلوا المسؤول العسكري الصيني مجدداً وهددوه بتدخل عسكري وشيك.
وكرد على ذلك، أمر قائد فرقة المشاة الصينية السابعة الثلاثين الجنرال فينغ زهييان (Feng Zhi'an) القوات المرابطة قرب وانبنغ بالتأهب استعداداً للتصدي لهجوم ياباني محتمل.
وفي خضم هذه الأحداث، تفاجأ الجميع بالجانب الياباني بعودة زميلهم شيمورا كيكوجيرو لموقعه سليماً. ومع سؤاله عن سبب اختفائه، أكد الأخير أنه تاه وضل طريقه أثناء بحثه عن مكان آمن لقضاء حاجته. ولم تكن عودة شيمورا كيكوجيرو كافية لوقف الأزمة حيث تواصل التصعيد بين اليابانيين والصينيين وبلغ نقطة اللاعودة.
خلال الساعة الثانية ليلاً يوم 8 يوليو 1937، طالب اليابانيون بالسماح لهم بدخول وانبنغ للتحقيق في حادثة اختفاء وعودة الجندي شيمورا كيكوجيرو. وتواصل طيلة الساعات التالية تدفق قوات كلا الطرفين نحو منطقة التماس وسط تكاثف الجهود الدبلوماسية الساعية لوقف التصعيد.
وفي حدود الساعة الخامسة صباحاً، فتحت إحدى فرق القوات الصينية النيران على الجنود اليابانيين المتمركزين عند جسر ماركو بولو وموقع السكة الحديدية القريبة. في الأثناء، لاحظ العمدة وانغ لنغزاي (Wang Lengzhai) تجمهراً كبيراً للقوات اليابانية حول وانبنغ تزامناً مع عودته للمدينة عقب جولة من المفاوضات. وبعد 5 دقائق فقط، شاهد الأخير سقوط قذائف مدفعية صينية على الجانب الياباني. لاحقاً، تطورت هذه الأحداث، التي عرفت تاريخياً بأحداث جسر ماركو بولو، لتتحول لنزاع عسكري موسع بين الصين واليابان استمر لأكثر من 8 سنوات وأسفر عن سقوط 20 مليون ضحية.
تعليقات
يمكنك التعليق بـ الاسم/عنوان في حالة عدم وجود حسابإرسال تعليق