«السادة الأفاضل، أبلغ من العمر 25 عامًا، وقتلت 309 من كبار الفرسان النازيين، ألا تعتقد أنك تختبئ خلف ظهري من فترة طويلة جدًا»
كانت هذه كلمات لودميلا بافليتشنكو، الفتاة الأوكرانية والسوفيتية الأولى التي أقامت في البيت الأبيض، والتي عرفت بـ «سيدة الموت».
وُلدت ليودميلا بافليشنكو في أوكرانيا عام 1916، وقاتلت مع الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية، وأصبحت أكثر القناصة فتكًا في التاريخ، كان اسمها المعروف بـ «سيدة الموت» يثير الرعب في قلوب الجنود الألمان حيث حصلت على لقبها بعد تسجيل 309 حالة قتل مؤكدة باسمها في غضون أشهر فقط – وهو رقم وضعها بين أعظم القناصين في كل العصور.
منذ صغرهها، أظهرت بافليشنكو براعة رياضية منقطعة النظير، ونافست في العديد من التخصصات الرياضية، وعشقت إطلاق النار بعد سماع صبي يتفاخر بإنجازاته، فكتبت ذات مرة: «كان ذلك كافياً ليدفعني إلى الركض إلى الميدان».
سرعان ما نمت حبها للرياضة وانضمت إلى نادي الرماية وحصلت على شارة القناص، بالإضافة إلى شهادة الرماية، وأثناء التحاقها بجامعة كييف الأوكرانية، قررت بافليشنكو تطوير مهاراتها بشكل أكبر والتسجيل في مدرسة للقناصة.
عندما أطلق هتلر عملية بربروسا في يونيو 1941 هرعت بافليشنكو البالغة من العمر 24 عامًا إلى مكتب التجنيد في أوديسا، وحاول ضابط التوظيف إقناعها بمسار وظيفي مختلف، مقترحًا عليها أن تصبح ممرضة بدلاً من ذلك، ولكن سرعان ما تراجع بعد أن كشفت عن شهاداتها ووثائق اعتمادها.
التحقت بافليشنكو في فرقة البندقية الخامسة والعشرين بالجيش الأحمر كقناصة، وكانت من ضمن 2000 امرأة قناصة في الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية، ومن بين 500 فقط ستفوز.
ومع نقص الأسلحة والإمدادات، كان على بافليشنكو أن تحارب في البداية بدون بندقية على الإطلاق، فقط قنبلة يدوية، وكتبت في مذكراتها: «كان من المحبط للغاية أن تضطر إلى مراقبة مسار المعركة بقنبلة يدوية واحدة فقط».
ولعب القدر دوره في حياة المقاتلة بافليشنكو، وأصيب رفيق في السلاح بجروح بالغة لدرجة أنه لم يتمكن من القتال على بندقيته، ولم يمض وقت طويل قبل أن تُمنح الفرصة لبافليشنكو لفتح «حسابها الشخصي مع العدو».
وفي الأشهر التالية، أتقنت بافليشنكو فنون القتال في الفترة بين مغادرتها المعسكر في الساعات الأولى من الصباح والعودة في الليل، حيث كانت تتجه إلى مواقع متقدمة بالقرب من العدو وتستلقي بلا حراك في انتظار فرصة إطلاق النار.
وكتبت لاحقًا: «أنت بحاجة إلى قدر كبير من ضبط النفس وقوة الإرادة والقدرة على التحمل لتستلقي لمدة خمسة عشر ساعة متواصلة دون أن تتحرك».
أصيبت بافليتشينكو أربع مرات في المعركة، وكانت شظية في الوجه في يونيو 1942 قد بشرت بنهاية وقتها في القتال، ولكن رأت القيادة العليا السوفيتية أن بافليشنكو قيمة للغاية بحيث لا يمكن أن تخسرها، وقد أمر بإجلائها من سيفاستابول بواسطة الغواصة.
وبعد شهر من التعافي في المستشفى، كان لدى بافليشنكو دور جديد تلعبه – لحشد الدعم لجبهة ثانية في أوروبا لمساعدة روسيا في قتالها ضد الألمان، وفي أواخر عام 1942 تم إرسالها للقيام بجولة في كندا والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.
في الولايات المتحدة، أصبحت بافليشنكو أول مواطنه سوفيتية يستقبله رئيس أمريكي بعد أن رحب بها فرانكلين دي روزفلت في البيت الأبيض، ودعت السيدة الأولى إليانور روزفلت، بافليشنكو للقيام بجولة في البلاد والتحدث إلى الأمريكيين حول تجاربها القتالية للمساعدة في زيادة الدعم للحرب.
في البداية، بدت الصحافة الأمريكية أكثر انشغالًا بما ارتدته بافليشنكو، أكثر من انشغالها بإنجازاتها في ميدان المعركة، وأطلق الصحفيون عليها أسئلة حول ما إذا كان بإمكان النساء وضع المكياج على خط المواجهة، وسألوها عن سبب ارتدائها لزي رسمي جعلها تبدو بدينة، ووصفتها الصحف بأنها «الفتاة القناصة» مقللين من إنجازاتها بالتعالي والتمييز على أساس الجنس.
وسرعان ما تحول تعامل بافليشنكو اللطيف مع الأسئلة إلى طريقة أكثر حِدة، وصرحت لمجلة التايم: «إنني مندهشة من نوع الأسئلة التي طرحها لي المراسلين في واشنطن. أرتدي الزي العسكري بشرف، عليه وسام لينين».
وتابعت: «من الواضح أن المهم بالنسبة للمرأة الأمريكية هو ما إذا كانت ترتدي ملابس داخلية حريرية تحت زيها الرسمي.. لم يتعلموا بعد».
وبحلول الوقت الذي وصلت فيه جولتها الدعائية إلى شيكاجو، صعدت بافليشنكو المقاتلة إلى خشبة المسرح أمام حشد من الرجال قائلة «أبلغ من العمر 25 عامًا وقد قتلت حتى الآن 309 من الفاشيين، ألا تعتقدون، أيها السادة أنكم يختبئون وراء ظهري؟» لحظة صمت حلّت بالحشد قبل أن يحل محلها هدير داعم مؤثر.
بالعودة إلى الوطن، تمت ترقية بافليشنكو إلى رتبة رائد، وحصلت على النجمة الذهبية لبطل الاتحاد السوفيتي مرتين، وعلى الرغم من أن جولتها في الغرب لم تحقق هدفها المتمثل في تأمين جبهة ثانية فورية في أوروبا، إلا أن بافليشنكو عادت إلى وطنها بطلة، واستمرت في تدريب القناصين السوفييت على الخطوط الأمامية.
وبعد الحرب، أنهت تعليمها في جامعة كييف وأصبحت مؤرخة، وفي عام 1957، زارت إليانور روزفلت بافليشنكو في موسكو خلال زيارة إلى الاتحاد السوفيتي، ومع تصاعد توترات الحرب الباردة، لم تتمكن روزفلت من زيارة بافليشنكو إلا بعيدا عن عيون السوفييت.
وعن عمر يناهز 58 عامًا أُسدل الستار على حياة «سيدة الموت”» بافليشنكو، بسبب سكتة دماغية نتيجة معاناتها لسنوات من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب وإدمان الكحول، وقيل إنها عوامل ساهمت في وفاتها المبكرة.
وُلدت ليودميلا بافليشنكو في أوكرانيا عام 1916، وقاتلت مع الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية، وأصبحت أكثر القناصة فتكًا في التاريخ، كان اسمها المعروف بـ «سيدة الموت» يثير الرعب في قلوب الجنود الألمان حيث حصلت على لقبها بعد تسجيل 309 حالة قتل مؤكدة باسمها في غضون أشهر فقط – وهو رقم وضعها بين أعظم القناصين في كل العصور.
منذ صغرهها، أظهرت بافليشنكو براعة رياضية منقطعة النظير، ونافست في العديد من التخصصات الرياضية، وعشقت إطلاق النار بعد سماع صبي يتفاخر بإنجازاته، فكتبت ذات مرة: «كان ذلك كافياً ليدفعني إلى الركض إلى الميدان».
سرعان ما نمت حبها للرياضة وانضمت إلى نادي الرماية وحصلت على شارة القناص، بالإضافة إلى شهادة الرماية، وأثناء التحاقها بجامعة كييف الأوكرانية، قررت بافليشنكو تطوير مهاراتها بشكل أكبر والتسجيل في مدرسة للقناصة.
عندما أطلق هتلر عملية بربروسا في يونيو 1941 هرعت بافليشنكو البالغة من العمر 24 عامًا إلى مكتب التجنيد في أوديسا، وحاول ضابط التوظيف إقناعها بمسار وظيفي مختلف، مقترحًا عليها أن تصبح ممرضة بدلاً من ذلك، ولكن سرعان ما تراجع بعد أن كشفت عن شهاداتها ووثائق اعتمادها.
التحقت بافليشنكو في فرقة البندقية الخامسة والعشرين بالجيش الأحمر كقناصة، وكانت من ضمن 2000 امرأة قناصة في الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية، ومن بين 500 فقط ستفوز.
ومع نقص الأسلحة والإمدادات، كان على بافليشنكو أن تحارب في البداية بدون بندقية على الإطلاق، فقط قنبلة يدوية، وكتبت في مذكراتها: «كان من المحبط للغاية أن تضطر إلى مراقبة مسار المعركة بقنبلة يدوية واحدة فقط».
ولعب القدر دوره في حياة المقاتلة بافليشنكو، وأصيب رفيق في السلاح بجروح بالغة لدرجة أنه لم يتمكن من القتال على بندقيته، ولم يمض وقت طويل قبل أن تُمنح الفرصة لبافليشنكو لفتح «حسابها الشخصي مع العدو».
وفي الأشهر التالية، أتقنت بافليشنكو فنون القتال في الفترة بين مغادرتها المعسكر في الساعات الأولى من الصباح والعودة في الليل، حيث كانت تتجه إلى مواقع متقدمة بالقرب من العدو وتستلقي بلا حراك في انتظار فرصة إطلاق النار.
وكتبت لاحقًا: «أنت بحاجة إلى قدر كبير من ضبط النفس وقوة الإرادة والقدرة على التحمل لتستلقي لمدة خمسة عشر ساعة متواصلة دون أن تتحرك».
أصيبت بافليتشينكو أربع مرات في المعركة، وكانت شظية في الوجه في يونيو 1942 قد بشرت بنهاية وقتها في القتال، ولكن رأت القيادة العليا السوفيتية أن بافليشنكو قيمة للغاية بحيث لا يمكن أن تخسرها، وقد أمر بإجلائها من سيفاستابول بواسطة الغواصة.
وبعد شهر من التعافي في المستشفى، كان لدى بافليشنكو دور جديد تلعبه – لحشد الدعم لجبهة ثانية في أوروبا لمساعدة روسيا في قتالها ضد الألمان، وفي أواخر عام 1942 تم إرسالها للقيام بجولة في كندا والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.
في الولايات المتحدة، أصبحت بافليشنكو أول مواطنه سوفيتية يستقبله رئيس أمريكي بعد أن رحب بها فرانكلين دي روزفلت في البيت الأبيض، ودعت السيدة الأولى إليانور روزفلت، بافليشنكو للقيام بجولة في البلاد والتحدث إلى الأمريكيين حول تجاربها القتالية للمساعدة في زيادة الدعم للحرب.
في البداية، بدت الصحافة الأمريكية أكثر انشغالًا بما ارتدته بافليشنكو، أكثر من انشغالها بإنجازاتها في ميدان المعركة، وأطلق الصحفيون عليها أسئلة حول ما إذا كان بإمكان النساء وضع المكياج على خط المواجهة، وسألوها عن سبب ارتدائها لزي رسمي جعلها تبدو بدينة، ووصفتها الصحف بأنها «الفتاة القناصة» مقللين من إنجازاتها بالتعالي والتمييز على أساس الجنس.
وسرعان ما تحول تعامل بافليشنكو اللطيف مع الأسئلة إلى طريقة أكثر حِدة، وصرحت لمجلة التايم: «إنني مندهشة من نوع الأسئلة التي طرحها لي المراسلين في واشنطن. أرتدي الزي العسكري بشرف، عليه وسام لينين».
وتابعت: «من الواضح أن المهم بالنسبة للمرأة الأمريكية هو ما إذا كانت ترتدي ملابس داخلية حريرية تحت زيها الرسمي.. لم يتعلموا بعد».
وبحلول الوقت الذي وصلت فيه جولتها الدعائية إلى شيكاجو، صعدت بافليشنكو المقاتلة إلى خشبة المسرح أمام حشد من الرجال قائلة «أبلغ من العمر 25 عامًا وقد قتلت حتى الآن 309 من الفاشيين، ألا تعتقدون، أيها السادة أنكم يختبئون وراء ظهري؟» لحظة صمت حلّت بالحشد قبل أن يحل محلها هدير داعم مؤثر.
بالعودة إلى الوطن، تمت ترقية بافليشنكو إلى رتبة رائد، وحصلت على النجمة الذهبية لبطل الاتحاد السوفيتي مرتين، وعلى الرغم من أن جولتها في الغرب لم تحقق هدفها المتمثل في تأمين جبهة ثانية فورية في أوروبا، إلا أن بافليشنكو عادت إلى وطنها بطلة، واستمرت في تدريب القناصين السوفييت على الخطوط الأمامية.
وبعد الحرب، أنهت تعليمها في جامعة كييف وأصبحت مؤرخة، وفي عام 1957، زارت إليانور روزفلت بافليشنكو في موسكو خلال زيارة إلى الاتحاد السوفيتي، ومع تصاعد توترات الحرب الباردة، لم تتمكن روزفلت من زيارة بافليشنكو إلا بعيدا عن عيون السوفييت.
وعن عمر يناهز 58 عامًا أُسدل الستار على حياة «سيدة الموت”» بافليشنكو، بسبب سكتة دماغية نتيجة معاناتها لسنوات من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب وإدمان الكحول، وقيل إنها عوامل ساهمت في وفاتها المبكرة.
تعليقات
يمكنك التعليق بـ الاسم/عنوان في حالة عدم وجود حسابإرسال تعليق